رفـــع الغــمــــــة
فــى
مضار الذنوب وخطورة تكفير الأمة
اعداد وتأليف
الشيخ / أحمد محمد عبد الله ترك
1430/2009م
مقدمه :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على ختام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ،،، وبعد ،،
فإن ظاهرة التكفير من الخطورة بمكان لما لها من آثار دينية واجتماعية تؤدى إلى تمزيق المجتمع وتفريق الأمة مما يكن لأعدائها من السيطرة عليها ونهب خيراتها
وهذه الظاهرة الخطرة تصادم نصوص القرآن والسنة وأقوال أئمة الأمة وتصادم أيضا الدعوة بالحسنى المأمور بها من الله عز وجل ، يقول تعالى : ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ) 0
لقد ابتلت هذه الامة بترويج تلك الأفكار الهدامة والمناهج الضالة والنشرات الكيدية المغرضة والتى لا تمت إلى الاسلام والاصلاح بصلة بل هى من نسيج الاعداء وإن استعملوا فى تنفيذها أبناء الإسلام لزعزعة هذا الكيان 0
إن تمزيق الامة وغيبة التضامن والتساند والتكامل والاتحاد عن شعوبها وأوطانها هو الذى مكن ويمكن منها الاعداء وشذاذ الآفاق فثروتها منهوبة وأرضها ترزح تحت نير القواعد العسكرية الاجنبية وبحارها ومحيطانها تسرح فيها الاساطيل المعادية 0
فعلينا نحن المسلمون ان نتحد ونتضامن ونتعاون لنكون كما أراد الله أمة واحدة إلهها واحد ودينها واحد ورسولها واحد هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) ،( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون )
***
الفصل الاول
الذنوب والمعاصى
تنقسم المعاصى إلى كبائر وصغائر
الكبائر : وهى ما ورد النهى واللعن والوعيد الشديد فى القرآن والسنة وأكبر الكبائر الشرك بالله وهو مخرج للعبد من الملة إذا مات العبد عليه ، يقول تعالى ( إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
الصغائر : وهو ما دون الكبائر يقول تعالى ( والذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش إلا اللمم ) والكفر نوعان أكبر وهو التكذيب بما جاء به الأنبياء والأصغر وهو ذنوب توجب استحقاق العذاب دون الخلود
هل فعل الكبائر يخرج العبد من ملة الإسلام ؟
أجمع أهل السنة والجماعة على أن فعل الكبائر لا يخرج المسلم من الإسلام إلا إذا استحلها عن علم ومعرفة ومن الأدلة قول الله عز وجل
( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين )
وفى قول النبى صلى الله عليه وسلم : " من كان آخر كلامه فى الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق قال وإن وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبى ذر " حيث نسب الله إلى الطائفتين المقتتلين الإيمان مع ما يحدث بينهما من قتل
أما حديث : " لا يزنى الزانى حيث يزنى وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " قالوا فى هذا الحديث وجوها :
1ـ لا يكون مؤمنا كامل الإيمان
2ـ او يكون فى شأن من إستعمل هذا الذنب
ورقد ذم الله البدع وردها على اصحابها قال صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) رواه مسلم
ويقول الامام الشاطبى ان البدع ليست على رتبة واحدة والكبائر أنواع فمنها ما هو كفر صريح كبدعة الجاهلية المشار اليها بقوله وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً ) ومنها معاصى كبدعة الخوارج والمرجئة والقدرية ومنها ما هو معصيةكبدعة التبتل والصيام قائماً فى الشمس ومكروه كقراءة القرآن بالإدارة
يقول الامام النووى عند شرحه لحديث (ذاق طعم الإيمان ) ما نصه : وأعلم أن مذهب أهل السنة ما عليه أهل الحق من السلف والخلف أن من مات موحدا دخل الجنة قطعا على كل حال فإن كان سالما من المعاصى كالصغير والمجنون والذى اتصل جنونه بالبلوغ والتائب توبة صحيحة من الشرك او غيره من المعاصى إذا لم يحدث معصيةبعد توبته والموفق الذى لم ينل بمعصية اصلا فكل هذا الصنف يدخلون الجنة ولا يدخلون النار اصلا لكنهم يردونها على الخلاف المعروف الورد الصحيح المراد به المرور على الصراط وهو مقصود على ظهر جنهم أعاذنا الله منها ومن سائر المكروه وأما من كانت له معصيرة كبيرة ومات من غير توبة فهو فى مشيئة الله تعالى فإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولا كالقسم الأول إذا عذبه القدر الذى يريده سبحانه وتعالى ثم يدخله فلا يخلد فى النار أحد مات على التوحيد ولو عمل من المعاصى ما عمل كما انه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر ولو عمل من اعمال البر ما عمل 0
هذا مختصر جامع لمذهب أهل الحق فى هذه المسألة وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة واجماع من يعتد به من الامة على هذه القاعدة وتواترت بذلك نصوص تحصل العلم القطعى فإذا تقررت هذه القاعدة حمل عليها جميع ما ورد من أحاديث للبات وغيره فإذا ورد حديث فى ظاهره مخالفة وجب تأويله عليها ليجمع بين نصوص الشرح أ هـ
ويقول الامام بن حجر ناقلا نص الامام البخارى بأن المعاصى من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها الا الشرك لقول النبى صلى الله عليه وسلم ( إنك إمرؤ فيك جاهلية ) وقول الله تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) قال ابن بطالى غرض البخارى الرد على من يكفر بالذنوب كالخوارج ويقول ان من مات على ذلك يخلد فى النار والاية ترد عليهم لان المراد بقوله ( يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) من مات على كل ذنب سوى الشرك أ هـ
يقول الامام ابو حامد الغزالى والذى ينبغى أن يميل المحصل اليه الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلا فإن استباحة الاموال والدماء من المصلين الى القيلة المصرحين بقول لا الا الا الله محمد رسول الله والخطأ فى ترك تكفير ألف كافر فى الحياة أهون من الخطأ فى سفك محجمة من دم امرىء مسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله محمد رسول الله فإن قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها 0
ويقول شيخ الاسلام بن تيمية ، هذا مع أنى دائما ومن جالسنى يعلم ذلك منى أنى من أعظم الناس نهيا أن ينسب معين الى تكفير وتفسيق ومعصية إذا علم انه قامت عليه الحجة الرسالية التى من خالفها كان كافرا تارة وفاسقا تارة أخرى وعاصيا أخرى 0
ويقول فى موضع آخر : إن كل من أقر بالله فعنده من الايمان بحسب ذلك ثم من لم تقم عليه الحجة ما جاءت به الأخبار لم يكفر بجحدة وهذا يبين ان عامة أهل الصلاة مؤمنون بالله ورسوله وإن اختلفت اعتقاداتهم فى معبودهم وصفاته إلا من كان منافقا يظهر الإيمان بلسانه ويبطن الكفر بالرسول فهذا ليس بمؤمن وكل من اظهر الاسلام ولم يكن منافقا فهو مؤمن له من الايمان بحسب ما اوتييه من ذلك وهو ممن يخرج من النار ولوكان فى قلبه مثقال ذرة من الايمان ويدخل فى هذا جميع المتنازعين فى الصفات والقدر على اختلاف عقائدهم ولو كان لا يدخل الجنة الا من يعرف الله كما يعرف نبيه صلى الله عليه وسلم لم تدخل امته الجنة فإنهم او اكثرهم لا يستطيعون هذه المعرفة بل يدخلونها وتكون منازلهم متفاضلة بسبب إيمانهم ومعرفتهم 0
وإذا كان الرجل قد حصل له إيمان يعرف الله به وأتى آخر بأكثر من ذلك عجز عنه لم يحمل له بذلك فتنة ولم يحدث بحديث يكون له فيه فتنة فهذا اصل عظيم فى تعليم الناس ومخاطبتهم بالخطاب العام بالنصوص التى اشتركوا فى سماعها كالقرآن والحديث المشهور وهم مختلفون فى معنى ذلك والله اعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه
ويقول بن حجر الهيثمى الشافعى فى كتابه تحفة المحتاج فى شرح المنهاج يقول ينبغى للمفتى ان يحتاط فى التكفير ما امكنه لعظم اثره وعليه عدم قصده سيما العوام ولا زال ائمتنا يعنى الشافعية على ذلك قديما وحديثا ثم فقل عن الامام الزركشى قوله فلينته لهذا وليحذر من يبادر بالتكفير فيخاف عليه ان يكفر هو لأنه كفر مسلما
ويقول العلامة الشوكانى فى كتابه السيل الجرار " اعلم ان الحكم على رجل مسلم بخروجه من دين الاسلام ودخوله فى دين الكفر لا ينبغى لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ان يقدم عليه الا ببرهان أوضح من شمس النهار "
ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى رسالته الى السويدى البغدادى وما ذكرت انى اكفر جميع الناس الا من اتبعى وازعم ان انكحتهم غير صحيحة فيا عجبا كيف يدخل هذا فى عقل عاقل
إلى أن قال واما التكفير فأنا اكفر من عرف دين الرسل ثم بعد ما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله وهذا هو الذى اكفره واكثر الامة ولله الحمد ليسوا كذلك
وقال الشيخ الامام ثم لا يخفى عليكم انه قد بلغت ان رسالة سليمان من سيبم قد وصلت إليكم وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم من جهتكم والله يعلم أن الرجل قد افترى على امور لم أقلها ولم يأتى أكثرها على بالى فمنها قوله أنى مبطل كتب المذاهب الأربعة وأنى أقول أن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شىء وأنى أدعى الاجتهاد وأنىخارج على التقليد وأنى أقول أن اختلاف العلماء نقمة وأنى أكفر من توسل بالصالحين وأنى أكفر البوصيرى لقوله يا أكرم الخلق وأنى أقول لم أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزابا من خشب وانى احرم زيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم وانى انكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما وأنى اكفر من حلف بغير الله وانى اكفر من حلف بغير الله وانى اكفر ابن الفارض وابن عربى وانى احرف دلائل الخيرات وروض الرياحين واسميها الشياطين
جوابى على هذه المسائل سبحانك هذا بهتان عظيم 0
وقال أيها وما ذكرت انى اكفر جميع الناس إلا من اتبعنى وانى ازعم ان انكحتهم غير صحيحة فيا عجبا كيف يدخل هذا فى عقل عاقل ؟
وهل يقول هذا مسلم إنى ابرأ إلى الله من هذا القول الذى ما يصدر إلا من مختل العقل فاقد الإدراك مقاتل الله أهل الأغراض الباطلة وكذلك قولهم إنى أقول لو أقدر على هدم قبة النبى صلى الله عليه وسلم لهدمتها وأما دلائل الخيرات وما قيل عن أنى أحرقتها فله سببان 0
وذلك أنى أشرت على من قبل نصيحتى من إخوانى ألأ يصير فى قلبه أجل من كتاب الله ولا يظنن أن القراءة فيه أفضل من قراءة القرآن واما أحراقها والنهى عن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بأى لفظ كان فنسبه هذا الى من الزور والبهتان 0
وذكر القرطبى فى تفسيره للآية : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا )
إن فى هذا التوجيه الإلهى من الفقه باب عظيم وهو أن الأحكام تناط بالظان والظواهر لا على القطع واطلاع السرائر فالله لم يجعل لعباده غير الحكم بالظاهر ، وعن اسامه بن زيد رضى الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سريه فعحينا الخرقان ( مكان من جهينة فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع فى نفسى من ذلك فذكرته للنبى صلى الله عليه وسلم فقال أقال لا إله إلا الله وقتلته ، قال قلت يارسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال صلى الله عليه وسلم ( أفلا شققت عن قلبه لتعلم أقالها أم لا فما زال يكررها حتى تمنيت أنى أسلمت يومئذ ، ويقول الشيخ الامام محمد عبده ( إن الله لم يجعل للخليفة ولا للقاضى ولا للمفتى ولا لشيخ الاسلام ادنى سلطة على العقائد وتقرير الاحكام ولا يسوغ لو احد منهم ان يدعى حق السيطرة على إيمان أحد أو عبادته ربه أو ينازعه طريق نظره )
ولقد كان من الأصول الإنسانية الهامة عند الإمام محمد عبده مناداته بالبعيد عن التفكير كأصل من أصول الأحكام عند المسلمين وذلك أنه إذا صدر قول قائل يحتمل الكفر من مائة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد حمل على الإيمان ولا يجوز حمله على الكفر 0
فهذا الاصل فتح الباب واسعا لتجنب الاحكام الطائشة على أصحاب الأقوال التى تنطوى على شبهات ولا أظن أنه لا يوجد قولا لا يحتمل الإيمان من وجه واحد من مائة وجه ، إذا بلغ الحمق بأحد ولم يكن فى كلامه مثل هذه الشبهات أى احتمال الإيمان من وجه كان الأجدر به أن يذوق حكم محكمة التفتيش البابوية ويؤخذ بيديه ورجليه فيلقى فى النار ، غير خفى على عاقل أن الحكم على شخص بالكفر منه إهدار لدمه واعتداء على حقه فى الحياة وإيغار لصدرة واشاعة الكراهية بين الناس وبالتالى اعتبر التماس العذر للمسلم حتى ولو من وجه واحد يحتمل الإيمان فى مواجهة مائة موقف يحتمل الكفر من أجل الحفاظ على كرامة وإنسانية هذا الإنسان .
***
الفصل الثانى
أحاديث فى حركة تكفير المسلم
هذا وقد صرحت الأحاديث على حرمة تكفير المسلم ومنها :
1ـ الحديث عن أبى ذر رضى الله تعالى عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( لا يرمى رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك )
2ـ عن أبى سلمة عن ابى هريرة رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما )
3ـ عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) ،فيخاف على من رمضى أخيه بالكفر أن يقع هو فيه فيختم له به
4ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من حلف بمله غير الاسلام كاذباً فهو كما قال ومن قتل نفسه بشىء عذب به فى نار جهنم ولعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله )
يقول الإمام الطبرى وكذا ابن كثير والقرطبى والفخر الرازى وغيرهم من المفسرين فى قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) المائدة
من أنه كفر دون كفر وذنب دون ذنب يقول الطبرى إن حكم به ـ أى بغير ما أنزل الله ـ هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أهل السنة فى الغفران للمذنبين وأخرج بن جرير عن بن عباس قال ( هى به كفرا وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله )
وإليكم بيان هيئة كبار العلماء فى التكفير والتفجير ما نصه ( الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد
فقد درس مجلس هيئة كبار العلماء فى دورته التاسعة والأربعين المنعقدة بالطائف ابتداءاً من تاريخ (2/4/1919هـ ) ما يجرى فى كثير من البلاد الإسلامية وغيرها من ا لتكفير والتعجير ، وما ينشأ عنه من سفك الدماء وتخريب المنشآت ونظرا إلى خطورة هذا الأمر وما يترتب عليه من ازهاق أرواح بريئة واتلاف أموال معصومة وإخافة الناس وزعزعة لأمنهم واستقرارهم فقد رأى المجلس اصدار بيان يوضح حكم ذلك نصحاً لله ولعباده وإبراء للذمة وإزالة للبس فى المفاهيم لدى من اشتبه عليه الأمر فى ذلك فنقول وبالله التوفيق :
أولاً : التكفير حكم شرعى مردة إلى الله ورسوله فكما أن التحلل والتحريم الايجاب إلى الله ورسوله فكذلك التكفير
وليس كل ما وصف بالكفر من قوله أو فعل يكون كفرا اكبر مخرجا عن الملة
ولما كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله لم يجيز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة فلا يكفى فى ذلك مجرد الشبه والظن لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة
وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات
ولذلك حذر النبى صلى الله عليه وسلم من الحكم على شخص ليس بكافر فقال ( أيما امرىء قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه 0
وقد يرد فى الكتاب والسنة ما يفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كفر ولا يكفر من اتصف به لوجود مانع يمنع من كفره
وهذا الحكم كغيره من الأحكام التى لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها وإنتفاء موانعها كما فى الأرث سببية القرابة ـ مثلا ـ وقد لا يرث لوجود مانع لاختلاف الدين وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به 0
وقد ينطق المسلم كلمة الكفر لغلبة فرج او غضب او نحوهما فلا يكفر به لعدم القصد كما فى قصة الذى قال ( اللهم أنت عبدى وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح 0
والتسرع فى التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استباح الدم والمال ومنع التوارث وفسخ النكاح وغيرها مما يترتب على الردة فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة ؟
وإذا كان هذا فى ولاة الأمور كان أشد كما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم وإشاعة الفوضى وسفك الدماء وفساد العباد والبلاد ولهذا منع النبى صلى الله عليه وسلم من منابذتهم فقال ( الا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) فأفاد قوله ( ألا أن تروا ) انه لا يكفى مجرد الظن والإشاعة
وأفاد قوله ( كفراً ) أنه لا يكفى الفسوق ولو كيرس الظلم وشرب الخمر ولعب القمار والاستئثار المحرم
فأفاد قوله ( بواحاً ) انه لا يكفى الكفر الذى ليس ببواح اى صريح ظاهر وأفاد قوله ( عندكم من الله فيه برهان ) أنه لا بد من دليل صريح بحيث يكون صحيح الثبوت صريح الدلالة فلا يكفى الدليل ضعيف السند ولا غامض الدلالة 0
وأفاد قوله ( من الله ) أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته فى العلم والامانة اذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجملة القول أن التسرع فى التكفير له خطره العظيم لقول الله عز وجل ( قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالاتعلمون ) الاعراف 33
ثانيا : ما نجم عن هذا الاعتقاد الخاطىء من استباحة الدماء وانتهاك الاعراض وسلب الأموال الخاصة والعامة وتفجير المساكن والمركبات وتخريب المنشآت فهذه الأعمال وأمثالها محرمة شرعاً بإجماع المسلمين لما فى ذلك من هتك لحرمة الأموال وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين فى مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم وهتك للمصالح العامة التى لا غنى للناس فى حياتهم عنها وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم وحرم إنتهاكها وشدد على ذلك وكان من آخر ما بلغ به النبى صلى الله عليه وسلم أمته فقال : فى حجة الوداع ( فإن دمائهم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم ألا هل بلغت ؟ قالوا نعم قال اللهم اشهد )
وقال صلى الله عليه وسلم ( كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه )
وقال عليه الصلاة والسلام ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة )
وقد توعد الله سبحانه من قبل نفسا معصومة بأشد الوعيد فقال سبحانه فى حق المؤمن ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) النساء 93
وقال سبحانه وتعالى فىحق الكافر الذى له ذمة فىحكم قتل الخطأ ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) النساء 92
فإذا كان الكافر الذى له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة فكيف إذا قتل عمدا فإن الجريمة تكون أعظم والأثم يكون أكبر
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة )
ثالثاً : إن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخطورة اطلاق ذلك لما يترتب عليه من شرور وآثار فإنه يعلن للعالم أن الإسلام برىء من هذا المعتقد الخاطىء وأن ما يجرى فى بعض البلدان من سفك للدماء البريئة وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة وتخريب المنشآت هو عمل إجرامى والإسلام برىء منه
وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر برىء منه وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة فهو يحمل إثمه وحرمة فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدى الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المستمسكين الله المتين وإنما هو محض افساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة ولهذا جاءت نصوص الشريعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله قال تعالى ( ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام ) وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد )
والواجب على جميع المسلمين فى كل مكان التواصى بالحق والتناصح والتعاون عل البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن كما قال سبحانه ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) المائدة 21
وقال سبحانه ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) التوبة 71
وقال عز وجل ( والعصر 0 إن الإنسان لفى خسر 0 إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصر ) العصر
وقال النبى صلى الله عليه وسلم ( الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )
وقال عليه الصلاة والسلام ( مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )
ونسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكف البأس عن جميع المسلمين وان يوفق جميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد وقمع الفساد والمفسدين وأن ينصر بهم دينه ويعلى بهم كلمته وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً فى كل مكان وأن ينصر بهم الحق إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم 0
هيئة كبار العلماء
1ـ رئيس المجلس عبد العزيز بن عب الله بن باز
2ـ محمد بن ابراهيم بن جبير
3ـ راشد بن صالح بن خنين
4ـ صالح بن محمد اللحيدان
5ـ د/ صالح بن فوزان بن بعد الله الفوزان
6ـ عبدالله بن عبد الرحمن الغديان
7ـ عبد الله بن سليمان المنيع
8ـ حسن بن جعفر العتمى
9ـ عبد الله به عبد الرحمن البسام
10ـ محمد بن صالح العثيمين
11ـ محمد بن عبد الله السبيل
12ـ ناصر بن حمد الراشد
13ـ عبد العزيز عبد الله بن محمد آل الشيخ
14ـ عبدالرحمن بن حمزة المرزوقى
15ـ محمد بن سليمان البدر
16ـ د/ عبد الله بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ
17ـ د/ بكر بن عبد الله ابوزيد
18ـ د/ محمد بن زايد آل سليمان
19ـ د/ عبد الله بن عبد المحسن التركى
20ـ د/ صالح بن عبدالرحمن الأطرم
***
الفصل الثالث
ضوابط التكفير
إن مسألة تكفير المسلم من الأمور الخطيرة ولذا وضح لها العلماء ضوابط لايتمكن إلا أهل العلم والمعرفة من معرفتها وضبطها حتى لايتسرع متسرع ممن تسول له نفسه من إلصاق التكفير بكل مسلم وقد صار كثير من الشباب لا يتورعون من هذا الأمر الخطير لأدنى شبهه إلا من رحم ربى لذا أردت أن أسوق إليهم هذه الضوابط حتى لا يقعوا فى هذا الأمر بالغ الخطورة ،واول هذه الشروط
الضابط الأول :
1ـ التثبت : وهو التثبت والتحقيق فيما يفعل من قول او اعتقاد يقتضى تكفيره وينبغى أن يتأكد المنقول إليه من أمانة الناقل ودينه وورعه وصدقه وأن يراعى كما نبه الأمام تاج الدين السبكى ـ ملاحظة العداوة بين الناقل والمنقول عنه او كما هناك نوع حساسية او اختلاف فى المشرب العلمى بينهما او اختلاف فى المذهب او اختلاف فى الاجتهاد الفقهى لأن العداوة فى كثير من الاحيان تكون سببا للتحامل ، ولو نقل عن مسلم شىء يقتضى تكفيره وثبتت نسبة القول إليه ان يقتصر المنقول إليه الكفر عن ذلك المسلم على تكفير المقالة لا القائل حتى يثبت هو شخصيا من ذلك او حتى يقرأ هو بنفسه كلامه إن كان مكتوبا بالكتب بعد ان يحيط ويلم بجميع جوانب الموضوع الذى تكلم فيه ذلك الكتاب خاصة إذا كان معروفا بعدالته ودينه وامامته فى الدين ودفاعه عن الاسلام وجهاده فى سبيل الله سبحانه وتعالى
وأن القاضى إذا نقل إليه ما يقتضى تكفير المسلم فإنه لا يقتضى بتكفيره الا بأحد أمرين :
1ـ إما بإقرار ذلك المكفر
2ـ وإما بشهدة عدلين منصفين
وحينئذ يستفصلهمامن سبب الردة فإذا ما قام عنده الدليل القطعى اليقينى وأن ذلك موجب للرد فإنه يستدعيه ويستتيبه فإن أبى فحينئذ يحكم بقتله 0
الضابط الثانى : العلم
لا بد للشخص الذى يحكم بكفره الآتى :
1ـ أن لا يكون جاهلاً يقول تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ) الاسراء 15
والدليل على ذلك قصة الرجل الذى طلب من اولاده إن هو مات أن يحرقوه ويبذروه فى الهواء
قال شيخ الاسلام فهذا الرجل وقع له الشك والجهل فى قدرة الله تعالى على إعادة ابن آدم بعدما أحرق وذرى وعلى أنه يعيد الميت ويحشره إذا فعل به ذلك أحدهما متعلق بالله تعالى وهو الإيمان بأن الله على كل شىء قدير
والثانى متعلق باليوم الآخر وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت ويجازيه على أعماله ومع هذا فلما كان مؤمنا بالله فى الجملة ومؤمنا باليوم الآخر فى الجملة وهو أن يثيب ويعاقب بعد الموت وقد عمل صالحاً وهو خوفه من أن يعاقبه على ذنوبه غفر الله له بما كان منه من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح
وأيضا فى قصة الحواريين عندما قالوا لعيسى عليه السلام ( هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ) قالوا عن جهالة ولم يبطل ذلك إيمانهم وهذا لا مخلص منه وإنما كانوا يكفرون لوقالوا ذلك بعد قيام الحجة عليهم وتبيينهم لها 0
الضابط الثالث : العمد
قول تعالى ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) الاحزاب 5
وقال صلى الله عليهوسلم " إن الله تجاوز لى عن أمتى الخطأ والنسيان "
الضابط الرابع : القصد والأختيار
وهذا إنما يكون فيما يحتمل وجوها عدة فى التأويل أى فيما ليس له إلا معنى واحد ولا يحتمل تاويل بلا معنى آخر فإن المسلم محاسب على ظاهر كلامه ولا يقبل منه أنه لم يقصد المعنى اللغوى لأن ذلك يفتح الباب واسعاً أمام الزنادقة ليخربوا الدين ويهدموه من الداخل أما إذا كان الكلام الذى تفوه به المسلم او الفعل الذى وقع فيه يحتمل وجوها من التأويل فحينئذ لابد من ملاحظة قصده ومن التيقن من أنه أراد المعنى الكفرى
الضابط الخامس : انتفاء الاكراه
قال تعالى ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم ) النحل 106
قال ابن جرير أخذ المشركون عمار بن ياسر معذيره حتى قاربهم فى بعض ما أرادوا شكا ذلك إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم كيف تجد قلبك قال مطمئناً بالإيمان ، قال النبى صلى الله عليه وسلم إن عادوا فعد
الضابط السادس : يقول الإنسان كلاماً أو يفعل فعلاً ليس صريحا فى الكفر ولكن يلزم منه ويترتب عليه الكفر فهل يحاسبه على لازم كلامه وفعله أم يحاسبه على صريح كلامه وفعله المحققون من علماء أهل السنة وجهود السلف والخلف يقولون إن لازم المذهب ليس بمذهب وعلى ذلك جرى تطبيقاتهم فما يلزم من قول المسلم أو من فعله إن لم يكن صريحا فى الكفر ولو كان يؤدى إليه لا يكفرون عليه وليس معنى ذلك السكوت على ذلك القول أو الفعل بل يغلظ عليه ويعاقب ويبين له خطر كلامه ولكن لا يطلق عليه حكم التكفير
الضابط السابع : أن لا يكون الكلام محتملاً بوجه من الوجوه التى تمنع التكفير
الضابط الثامن : وهو التفريق بين المقالة والقائل وهذا الضابط أيضاً ليس على اطلاقه وإنما فيما يعذر المسلم بجهله أو فيما يشتبه عليه دليله
قاعدة ( من لم يكفر الكافر فهو كافر )
والحقيقة أن هؤلاء الشباب لم ينزلوا هذا القول على الحقيقة وأن المراد بالكافر هنا المقطوع بكفره الذى توفرت فيه جميع الشروط وأنتفت عنه جميع الموانع ومن كان كافرا من البداية ولم يدخل الإسلام ابدا مثل فرعون وأبى جهل وأبى لهب وماركس فمن لم يكفر هؤلاء وأمثالهم فهم مثلهم
وأما الشخص الخفى حالة لأظهاره الاسلام وابطانه الكفر وكراهية الاسلام فمثل هذا الشخص من من اطلع على حالة وعرف حقيقته فى مجالس خاصة وللقرب منه وتحقق من وجود الشروط وانتفاء الموانع وجب اعتقاد تكفيره
***
الفصل الرابع
هل مجتمعات المسلمين جاهلية
ماذا يعنى مصطلح الجاهلية ، نجد فى لسان العرب معنى الجاهلية عنده وعند جميع المصطلحات العربية أنه زمن للفترة ولا اسلام اى انها ليست حقبة زمنية وحسب بل حقبة زمنية قدخلت من وجود الشريعة الالهية التى لها السيادة على عقل الأمة وسلوكها إنها بتعبير آخر فكره محورها الشرك والوثنية عدت فى الاستخدام المتداول النقيض للإسلام لأنه فكره محورها التوحيد
فكما أن لكل امة من أمم الرسالات جاهليتها أى الفترة الزمنية التى خلت من الشريعة المتبعة فإن للفكرية الجاهلية التى تتمحور من حول الشرائع والوثنية منظومتها القيمية ونسقها الفكرى ومن هذه القيم والأفكار قد يتسرب إلى أفكار الأمة فى حقبة إيمانها وإسلامها وتوحيدها فيشوب فكرتها الإيمانية بشوائب وذلك رغم وجود الشريعة
هذا وبظهور الاسلام وتكون امته تبلورت الفكرية الإسلامية التى تمحورت حول التوحيد وحكمت قيم الاسلام تكونت هذه الامة فى مقابل المشركين ـ أمة الجاهلية التى استمرت ـ وما زالت بصورة اخرى ـ تحارب الإسلام والمسلمين دفاعاً عن الشرك والوثنية ـ محور الفكرية الجاهلية وعن قيمها وأفكارها
وفى الأحاديث النبوية التى جاء فيها ذكر مصطلح الجاهلية نجد لها ذات المعنى ونفس الاستخدام فهى الفترة الزمنية التى يطبعها المشرك بطابعه الخاص ومن تلك الأحاديث النبوية قوله صلى الله عليه وسلم ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة الجاهلية ، ومن قاتل تحت راية عميه يغضب لعصبه دو يدعو إلى عصبة او ينصر عصبه عميه فقتل فقتله جاهلية ومن خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها ولا يتماش من مؤمنها ولا يعنى ازى عهد عهده فليس منى ولست منه"
فالجاهلية هنا معسكر متميز مستقل بفكرته وقيمه يقابل أمة الاسلام المتميزة والمستقلة بفكرية التوحيد وقيم الاسلام
وهنا يأتى الشيئ ويقع اللبس الذى يتيسر الجدل فى صفوف نفر من الاسلاميين المعاصرين فالذين يحكمون على مجتمعاتنا المعاصرة بالجاهلية صنعوا ذلك لأنهم وضعوا بعضا من قيم الجاهلية تسود بعض نواحى السلوك فى هذه القيم الجاهلية هى الشذوذ وليس القاعدة
إن تكفير المجتمعات ووصفها بالجاهلية لا يتفق مع أسلوب الدعوة ، لقد علمنا القرآن اسلوب اللين والراحمة وحذرنا من الفظاظة والنبى صلى الله عليه وسلم يقول ( بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا ) فلا يجوز اطلاق الوصف بعمومه على مجتمعات المسلمين فالجاهلية المطلقة او المجتمع الجاهلى قاصر على فترة ما قبل الاسلام كما ذكرنا 0
والذين يستدلون بقول النبى صلى الله عليه وسلم لابى ذر ( إنك إمرؤ فيك جاهلية )
وقوله (ما بال دعوى الجاهلية ) ، فنقول إذا أردتم الاتباع فقولوا مجتمع فيه بعض صفات أهل الجاهلية ولكن لا يجوز اطلاق القول بأنه مجتمع جاهلى 0
***
الفصل الخامس
( العلاج )
1ـ ربط الجزئيات بالكليات إن الخطأ الذى يقع فيه الكثير هو عدم ربط الجزئيات بالكليات فى فهم الاحكام فعلى الذى يريد أن يصدر حكما صحيحا ان يحيط بالمسائل من جمع جوانبها حتى يستطيع ان يصدر حكماً صحيحاً علىمما يصادفه من قضايا وامور 0
2ـ العمل يقيم الأعمال ومراتبها كالمستحب المسنون الواجب الفرض والفرض نوعان كفاية وفرض عين وفرض العين درجات والمكروه نوعان تحريما وتنزيها ، والمشتبهات والحرام الصريح وهو نوعان صغائر وكبائر والكبائر متفاوتة فمعرفة هذه الأمور الفقهية الدقيقة تدفع شبابنا إلى الفهم الصحيح للدين وعدم التسرع فى إصدار الأحكام والمعرفة الصحيحة تكون عن طريق التخصص فى كليات الشريعة بجامعة الأزهر الشريف 0
3ـ لقد ذكر الله عز وجل مراتب الناس فى الأعمال وأن هذه الأصناف الثلاثة داخلة فى رحمة الله وجنته يقول تعالى: ( ثم أورثنا الكتاب الذى اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير 0 جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير0 وقالوا الحمد لله الذى أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذى أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ) ( فاطر 32ـ35) والناس ليسوا على درجة واحدة من الصلاح والتقوى والعقل وهذه حقيقة بديهية لا يختلف فيها إثنان 0
4ـ تقدير ظروف الناس وأعذارهم ، من الخطأ النظر إلى كل الناس ومطالبتهم بالإسلام الكامل0
5ـ الفقه فى سنة الله فى خلقه وهى سنة التدرج والصبر على الأشياء حتى تنضج وتبلغ مداها
6ـ احترام التخصص فلكل علم أهله ولكل فن رجال المتخصصون يقول تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) الأنبياء 7
ومن الأمور الخطيرة الاجتراء على الفتوى والتطاول على العلماء قديماً وحديثاً دون ان تكون عنده مؤهلات
7ـ أحكام الفقه مراتب فمنها أحكام ظنية تقبل تعدد الأفهام والتفسيرات بخلاف الأحكام المتعلقة بالعقيدة التى لابد فيها القطع واليقين 0
8ـ إلتزام التيسير والاعتدال فيا دعاة الإسلام اجنوا العسل ولا تكسروا الخلية
ما أجمل هذه القاعدة حين يلزمها الداعية المسلم وهو يبلغ الناس رسالة الله برفق وحرص ورحمة فيكون مثله كمثل النحال الماهر الذى الذى يجنى العسل الشهى من خليته برفق وهدوء فلا يزعج النحل ولا يعيب الخلية بسوء يعكس للنحال الذى يستخدم العنف والشدة فيكسر الخلية ويقتل النحل أو يطرده وفوق ذلك كله يقصد العسل ويسكبه على الأرض ولذا جاء فى الحديث ( ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثما فإن كان إثما كان ابعد الناس عنه ) إن عين الحكمة فى الدعوة إلى الله ان تجمع الدعاة بين الصدع بالحق وعفة اللسان وبين التمسلك بالدين والاحسان إلى الناس وبين مراعاة الحق وملاطفة الخلق وقد قال صلى الله عليه وسلم (مثلى ومثلكم كمثل رجل اوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنت تفلتوه من يدى ) وصدق الله إذ يقول ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
9ـ التدرج فى طلب العلم
قال الشاطبى ( لا يذكر للمبتدىء من العلم ما حظ المنتهى بل يربى بصغار العلم قبل كباره فكل مرحلة لها ما يناسبها من العلم والمعرفة وهذا هو الذى سلكه النبى صلى الله عليه سلم فى تعليم أصحابه رضوان الله عليهم (5/170،171)
10ـ إلتزام الأدب فلا بد لطالب العلم والمعلم أن يتحليا بالأدب والاحترام وهو خلق من أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) وفى رواية ويعرف شرف كبيرنا وفى رواية أبى داود حق كبيرنا ، ويقول صلى الله عليه وسلم (البر حسن الخلق ) فلابد لطالب العلم أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة فلا يتطاول على أحد ولا يكن فاحشاً ولا بذيئاً قال صلى الله عليه وسلم ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذىء )
11ـ فقه الاختلاف وأدب الأختلاف وقد كان العلماء فى الماضى لكل واحد منهم رأيه المخالف للآخر ولكنهم مع ذلك تتلمذ بعضهم على بعض وصاحب بعضهم بعضاً فمثلاً الإمام مالك صاحب وعاصر الامام ابوحنيفة والشافعى تتلمذ على الامام مالك والامام احمد تتلمذ على الامام الشافعى ومما جاء عنهم رأى الصواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب
12ـ الاهتمام بهموم المسلمين وهو أمر هام جداً لانه ما استحق ان يولد من عاش لنفسه يقول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح " الساعى على الارملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله " البخارى ومسلم
13ـ البعد عن الظن والتجرد عن الهوى ومن مظاهر الانصاف الرجوع الى الحق فالحق احق ان يتبع قال عمر " من بركة العلم وآدابه الانصاف فيه ومن لم ينصت لم يفهم ولم يتهم قال بعض العلماء ( ليس معى من العلم الا ان اعلم اى لست اعلم )
قال الوراق اتم الناس اعرفهم بنفصه واتمهعم لشهوته حرضه
***
الفصل السادس
الوسطية
ما هو التطرف هو التشدد والغلو الذى يفضى بالانسان من حيث يشعر ومن حيث لا يشعر الى ان يسلك مسلك الخوارج
يقول الامام سفيان النووى " الفقه هوالرخصة من الثقة وأما التشهد فيتقنه كل احد "
فعلى المسلم المحتاط لدينه أن يكون مع جمهورالعلماء فذلك أدعى للصواب
ما هى الوسطية :
الوسط صفة بمعنى خيار أو أفضل وأجود فأوسط الشىء أفضله وأجودة وخياره مزايا الوسطية وفوائدها
1ـ الخيرية : يقول تعـــالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطاً " قال ابن كثير فى هذه الوسط هنا الخيار الأجود كما يقال لقريش أوسط العرب نسباً وداراً أى خيرها وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وسطاً فى قومه أى أشرفهم نسباً ومنه الصلاة الوسطى التى هى أفضل الصلوات
2ـ الاستقامة الوسطية تعنى الاستقامة والبعد عن الميل والانحراف كما جاء فى سورة الفاتحية ( اهدنا الصراط المستقيم 0 صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) ويقول تعالى : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون ) فصلت 30
3ـ الحكمة لأن الحكمة وضع الشىء فى غير موضعه قال ابن القيم فعل ما ينبغى على الوجه الذى ينبغى فى الوقت الذى ينبغى وقال أيضا " الحكة أن تعطى كل شىء حقه ولا تعديه حقه "
4ـ القوة فمرحلة الشباب مرحلة القوة وسطا بين ضعفين
5ـ الوسطية والتيسير ورفع الحرج يقول تعالى وما جعل عليكم فى الدين من حرج ) الحج 78
ويقول تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) البقرة 185
6ـ الوسطية والأمان وهى تمثل منطقة الأمان والبعد عن الخطر
***
الفصل السابع
التطرف غلو وافراد وتفريط
يقول تعالى ( يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا علىالله إلا الحق ) النساء 171 ويقول صلى الله عليه وسلم ( إياكم والغلو فى الدين إنما أهلك من كان قبلكم الغلو فى الدين ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( هلك المتنطعون قالها ثلاثاً قال النووى المتنطعون المتعمقون المغالون المجاوزون الحدود فى أقوالهم وأفعالهم )
يقول الدكتور القرضاوى(إنه ليس من الإنصاف أن تتهم إنسانا بالتطرف لمجرد أنه اختار رأيا من الآراء الفقهية المتشددة مادام يعتقد أنه الأصوب والأرجح وإن كان غيره يرى رأيه مرجوحا أو ضعيفا)
أقول إننا نوافق فضيلته على ذلك ولكن الذى ننكره على أمثال هؤلاء ممن تبنوا رأيا أو اختطوا منهجا أنهم ينكرون على من خالفهم ويتهمونهم بابشع التهم ويضعونهم بأسوأ الأوصاف ويرون الحق محتكر عليهم
والتفريط فى اللغة هو التضييع والتقصير قال تعالى : ( وكان أمره فرطا ) الكهف 28
فالتفريط يدل على التضيع والتقصير والترك والتهاون
***
الفصل الثامن
مظاهر التطرف
1ـ التعصب للرأى وفرضه على الآخرين وإتهام الآخرين بالابتداع أو بالكفر والمروق ،قلت فالمسألة مادام لم يوجد فيها نص قطعى لا يحتمل إلا وجها واحدا ففى هذه الحالة لا خلاف فى المسألة أما إذا احتمل النص عدة وجوه فلا حرج على من أخذ بأى وجه من الوجوه ولا يلام ومن خفى أن أقول ومن واجبك أن تتبع رأى صواب لا يحتمل الخطأ ورأيك خطأ ولا يحتمل الصواب وبهذا لا يمكن أن يلتقى بغيره أبدأ الآن يمكن ويسهل فى منتصف الطريق ووسطة وهو لا يعرف الوسط ولا يعترف به فهو مع الناس كالمشرق والمغرب لا تقترب من أحدهما إلا بمقدار ما تبتعد من الآخر
2ـ التمحور حول الشخصيات والأحزاب والجماعات لا يقبلون النقد ولا إلى من ينتمون إليه ولو كان نقداً علميا نزيها
3ـ التقليد الأعمى قلت وهى الثقة العمياء بالامام المقلد ومنهجة واجتهادة كشأن مدعى الاجتهاد
اما ان قلت الانسان احد اصحاب المذاهب المعتمدة فلا غبار عليه فى ذلك لأنه لا يستطيع كل انسان ان يكون مجتهدا او إلا أدى ذلك كما قال احد العلماء والكبار بمقولة رائعة ( اللامذهبية قنطرة إلى اللادينية )
4ـ سوابق الأفكار وهى صعوبة التخلص من الأفكار التى ورثوها وألفوها
5ـ الإنطواء والتقوقع ـ وهى حصرقراءاتهم فى اطار معين واعتقاد معين وأكثر هؤلاء لم يطلعوا إلا على رأى واحد ولم يقرءوا إلا صفحات معينة من كتب مغيبة أو محددة ويظنون أن لا شىء قبل هذه الكتب ولا بعدها
6- النقص العلمى وعدم الاتزان الفكرى وهو البعد عن التخصص
7ـ التجرؤ على الفتوى دون مؤهلات فهم كالببغاوات لا يعرفون من الأمر إلا كما يعرف الببغاء عند ترديده للكلام
7ـ الطعن فى العلماء والتشنيع على المخالف
8ـ الجلافة والغلظة والخشونة
9ـ الفهم الخاطىء للسلفية وأن المراد بها القرون الثلاثة المعضلة المشار إليها بحديث النبى صلىالله عليه وسلم " خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم تجىء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته "
10 ـ إلتزام التشدد دائماً يقول صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته " وما خير الرسول صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثما "
الفصل التاسع
آفات التطرف
1ـ التنفير والانقطاع عن العمل ولذا يقول النبى صلى الله عليه وسلم " اكلفوا فى العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن احب الاعمال إلى الله أدومها وإن قل " ويقول صلى الله عليه وسلم " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا "
2ـ الجور على الحقوق والواجبات من عيوب التطرف أنه لا يخلو من جور على حقوق واجبات وعدم تحقيق التوازن ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا "
3ـ الغرور بالنفس من شأن الغلاة وقد ظنوا أنهم احتكروا الحق لأمتهم وادعوا الكمال لمنهجهم وفكرهم
4ـ الحرص على الزعامة ويكون بنقد العلماء والتشكيك فى الدعاة والمربين ويهاجمون كل من ليس معهم ويضخمون الأخطاء والعثرات ليبرزوا أنهم هم الدعاة والعلماء وهذا خطر يفتك ويحرق الحسنات ويحبط الأعمال ويمزق الصفوف ويثير عوامل الخلاف
5ـ سوء الظن ويكون بالنظر إليهم من خلال منظار أسود يخفى حسناتهم على حين يضخم سيئاتهم والأصل عند المتطرف هو الاتهام والاصل فى الاتهام لادانة خلافا لما تقرره الشرائع والقوانين ان المتهم برىء حتى تثبت ادانته ، نجد الغلاة انما يسارعون الى سوء الظن والاتهام لأدنى سبب فلا يلتمسون المعاذير للآخرين بل يفتشون عن العيوب والأخطاء ليضربوا بها الطبل ويجعلوا من الخطأ خطئه ومن الخطيئة كفرا ولقد وضحنا فيما سبق خطورة تكبير من خلال الأحاديث وأقوال العلماء رضى الله عنهم
الفصل العاشر
أسباب بالتطرف الدينى
الأسباب العلمية
1ـ ضعف البصيرة فى الدين
2ـالاتجاه الظاهرى فى فهم النصوص
3ـ اتباع المشتبهات وترك المحكمات
4ـ الاسراف فى التحريم
5ـ التباس المفاهيم
6ـ أخذ العلم من الكتب وقد قيل " لا تأـخذ القرآن من مصحفى ولا العلم من صحفى "
حتى قال بعض أحداث السن عن أئمة كبار لا يروقهم منهجهم نحن رجال وهم رجال
7ـ ضعف المعرفة لوقائع التاريخ وسنن الكون وهو المفهوم الخاطىء لوقائع التاريخ فبعضهم يريد أن يغير العالم بوسائل وهمية وأساليب خيالية ويندفع إلى أعمال وتصرفات دون نظر إلى العواقب والنتائج "
ومن السنن المهمة التى يغفل عنها المتحمسون والمتعجلون سنتان مهمتان هما سنة التدرج وسنة الأجل المسمى
8ـ ردود الأفعال السريعة إلى الضد مع أن الحقيقة دون ذلك وقد أشار القرآن إلى طبيعة التجاوز فى ردود الأفعال فقال: ( ولا تنسوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) الانعام 108
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يارسول الله كيف يلعن الرجل والديه قال أن يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه "
وواقعنا المعاصر يدل على أن الأقوال المتطرفة أنبعثت فى سياق رد الفعل على قول متطرف
الاسباب الاقتصادية
1ـ سوء توزيع الثروات والهوة الكبيرة بين الطبقات
2ـ انهيار قيمة العمل إذا لم يعد العمل هو مصدر الثروة وانما اصبحت الطرق الغير مشروعة هى التى تجلب الثروة
3ـ غياب روح التكافل فى المجتمع التى تجعل المجتمع كالجسد الواحد
4ـ انتشار البطالة وضيق سبيل العيش الكريم
الاسباب السياسية
1ـ وقد تجلى الانحراف السياسى فى بروز ظاهرة التطرف نتيجة الظلم الذى لحق بعض المسلمين فى بعض البلاد وتحت ضغوط التعذيب المروع والظلم تفجرت ظاهرة التكفير من بعض الشباب ونحن لا نقر التكفير باطلاق ودون ضوابط كما أننا لا نقر الظلم والاستبعاد مهما كانت أسبابه ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اصدار الحكم فى حالة الغضب يقول صلى الله عليه وسلم " لا يحكم أحد بين أثنين وهو غضبان "
فكيف ممن لا يؤهله علمه للقضاء والافتاء أصلا
يقول ابن تيمية " كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان،لأن اذلك المخالف يكفرهم .